استخدام الحاسوب في تعليميَّة اللُّغة العربيَّة وآدابها –الطور الثانوي أنموذجا

د. شميسة الخلوي
أستاذة لغة عربية

إن سبيل نهضة الأمم وتطورها مرهون بالعلم وتعلُّمه والمعرفة والتحكُّم فيها، وفي عصرنا، حيث العلم حطّ ركبه والتكنلوجيا بَسطت أمامنا كل جديد، نجد الغرب قد اهتم بنشر العلم وتشجيع العلماء، وبثّ روح المطالعة بين الأفراد، بل وبدأ الغرب يسْتحدث الآليات لتطوير طرق التعليم، مُدركا في كل هذا أن العِلم هو الطريق الأمثل لتحقيق التقدُّم على جميع الأصعدة الحياتية.

ولا ريب لدى كالذي عقل لبيب، أن اللُّغة العربية قد شرَّفها الله عزو جل وجعلها اللغة كتابه العزيز ﴿وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾[النحل: 103] وليس التفكير في حالنا من أجل رصد الظاهرة والوقوف أمامها بعيون دهشى، وإنما لنبعث روح الأمَّة من جديد، وما من جهدٍ إلا ويبدأ بمحاولة، وما الخطوة إلا بداية طريق الألف ميل!

ومن هذه المنطلقات، كان تفكيرنا منصبًّا نحو محاولة النُّهوض باللّغة العربية والإسهام في إدخال الطرق الحديثة في تدريسها مواكبةً لتطوُّر العصر وتماشيا معه، وفي هذا تفصيل في الوُريقات التالية:

كثيرة هي الوسائل التعليمية التي يستخدمها المدرسُّون من أجل جعل حصصهم مثار اهتمام تلامذتهم وتعزيزا للإدراك الحسِّي لديهم، وذلك على جميع المستويات التعليمية، وفي مختلف المواد المقدَّمة للمتعلِّم، فإذا أحسنَ المدرِّس استخدامها وتحديد الهدف منها بدقَّة كانت النتائج طيّبةً والفوائد جمَّة كثيرة.

فنُلفي أستاذ العلوم الطبيعية وقد وجد سبيله إلى ذلك باستخدام المخبر المخصَّص له، وأستاذ التاريخ والجغرافيا بوساطة الخرائط الموضِّحة لدُروسه، ونجد أستاذ الفيزياء يعمل على استخدام التجهيزات المخبرية والمواد الكيميائية …

فماذا عن مدرسِّي اللّغة العربية؟ وماذا عن تدريس اللّغة العربية التي تعدّ أساس فهم بقيَّة المواد التعليمية؟

لعلَّ الجمودَ يطبع حصصها، والعادة تُميت كل محاولة للإبداع فيها، حتى صار درسُ اللّغة العربية جافًّا اعتياديا، يكاد يكون خاليا من الحيوية والتجديد[1].

فتدريس اللغة العربية يُواجه تحديات يفرضها الواقع العالمي السائد، والذي حمل معه كل جديد في عالم التقنية والمعلومة والتنمية البشرية، ومن ثمة فقد عاينا مجموعة من الوسائل التربوية الجديدة والتقنيات التكنولوجية الحديثة التي من شأنها إعطاء دفعة إيجابية للمتعلِّمين والمعلِّمين على حد سواء.

ففي ما تعلَّق بتدريس اللغة العربية وآدابها فقد وقفتُ على مجموعة من الأفكار المساعدة على عملية التعلُّم، والتي من شأنها تغيير الطريقة الكلاسيكية لتعليمية المادة، من ذلك أذكر على سبيل المثال لا الحصر:

تقنية القراءة السريعة[2]، واستخدام قُبَّعات التفكير الست[3] والخريطة الذهنية[4]، وغير ذلك. وما سأفرد له الحديث في هذه المداخلة هو إدخال التطبيقات التكنولوجية على العملية التعليمية، تحديدا تطبيقات الحاسوب ورصد آثاره على تعليمية اللغة العربية، باعتبار هذه الوسيلة تولِّد اهتماما وارتياحا من طرف التلاميذ في ساعة تقديم الدرس، ومن هنا يأتي استثمار مُيولهم للإقبال على اللّغة العربية وحبّها، فتعلّمها.

[1]إنَّنا لا نُنكر ذلك سواء متعلِّمين -في ما سبق- أو معلِّمين في الفترة الحالية، وهذا مقارنة بحيوية تقديم الدروس العِلمية على سبيل المثال، والأمر لم يختلف بمرور السنوات والأعوام، بل بقيت الهُوَّة بين متعلِّم اليوم وما يتلقَّاه بين جدران القسم.

[2] القراءة السريعة أو ما يُصطلح عليها بـ (Speed Reading) أو ( La Lecture Rapide/experte ) هي تقنية مبتكرة في القراءة، أو لنقل مجموعة من المهارات التي تعمل على زيادة سُرعة القراءة مع زيادة الاستيعاب والفهم، وتقوية الذاكرة من خلال حفظ المعلومات التي تُقرأ، وتذكُّرها لمدة أطول، ومن ثمّة استرجاعها بيسر.

[3]القبَّعات الست للتفكير، أو ما يُصطلح عليها بـ (Six Thinking Hats) أو (Méthode des six chapeaux) طريقة مبتكرة يمارِس فيها المتعلِّم أنواعا مختلفة من التفكير، مثل التفكير الناقد والإبداعي والعاطفي، وتعمل على تغذية جانب التركيز والتفكير الفعَّال، هي باختصار أحد برامج التفكير الحديثة التي يمكن استغلالها لصالح تعليمية المادة.

[4] الخريطة الذهنية، أوما يُصطلح عليها بـ (Mindmap ) أو (Carte heuristique )، هي طريقة مبتكرة تعطينا صورة شاملة عن الموضوع الذي نريد تقديمه أو دراستهأ والتحدُّث عنه بحيث تمكِّنك من رؤية الموضوع بصورة أكثر شمولية، وهذا مفيد في تلخيص الدروس التي تتميز بكثرة التفرُّعات على وجه الخصوص.