إشكالية ترجمة المصطلح القانوني الاسلامي من اللغة العربية الى اللغة الفرنسية
زينب علي
(الجزائر)
الملخص
ان الترجمة قديمة قدم المجتمعات البشرية، اذ كانت ولا تزال وسيلة اتصال وتواصل بين الجماعات والأقوام التي تتكلم بألسنة مختلفة، فكانت الترجمة في السابق ضرورة أوجدها تعدد اللغات. ولكن ازدادت الحاجة اليها بل أصبحت ضرورة ملحة مع تصاعد وتيرة التقدم العلمي وتسارع الاكتشافات والاختراعات في هذا العصر الذي شهد نشأة العديد من الهيئات والمؤسسات والمنظمات الاقليمية والسياسية والاجتماعية، خاصة بالنسبة للدول النامية التي تشحذ كل طاقاتها وامكانياتها من أجل اللحاق بالركب العالمي وبالتالي لا يمكن لأحد انكار ما للترجمة من أهمية بالغة في نقل الثقافة الفكرية بين المجتمعات فضلا عن مساهمتها في تطور المعرفة الانسانية عبر التاريخ، فالترجمة ليست مجرد انتقال بين لغتين وانما هي عملية تواصلية ننقل عن طريقها الأفكار من لغة الى أخرى مع المحافظة على روح المعنى المقصود وهو الهدف الأسمى الذي تسعى الترجمة لبلوغه. واجمالا فان الترجمة عملية ذهنية معقدة لغوية معقدة تتطلب من المترجم امتلاك جملة من الكفاءات اللغوية والأسلوبية والمعرفية والتخصصية بما فيها موضوع الترجمة ومصطلحاته.
جدير بالذكر أن هناك أنواع كثيرة من تخصصات الترجمة لا يمكن حصرها في هذه السطور، خاصة وأننا نود القاء الضوء على أحد أهم تلك التخصصات ألا وهي الترجمة القانونية، التي تعد من بين الترجمات المتخصصة الأكثر تعقيدا، كونها تتعامل مع تراكيب اللغة العادية ومع اشكاليات الاصطلاح والمصطلحية، والأكثر أهمية في وقتنا الحاضر لما تؤديه من دور حيوي وفعال في عملية التنمية، حيث تعبر عن السياسات المختلفة التي تتبناها الدول من خلال القوانين المتعددة والاتفاقيات والعقود.
ولعل صعوبة النص القانوني وأهميته تعود الى خصوصيات معينة تفرزها مجموعة عوامل اجتماعية وسياسية، لذلك قد يجد المترجم مجال الترجمة القانونية مسلكا وعرا يطرح اشكاليات عديدة تفرض على المترجم اتباع استراتيجية فعالة تلبي كل متطلبات النص القانوني وتفك رموزه حتى يفهمه ليفهمه، فهو في الواقع سينقل ما فهمه من النص الأصلي. في الحقيقة لا يكمن تعقد الترجمة القانونية وصعوبتها في المصطلحات وحسب وانما أيضا في المؤسسات القانونية وفي الأشخاص الذين صاغوا هذه القواعد القانونية وكذلك في البعد الثقافي المتأصل في النظم القانونية باعتبار القانون ظاهرة اجتماعية ونتاج ثقافي محظ.
هذا يدفعنا الى طرح الاشكالية التالية: كيف يمكن للمترجم أن يحافظ على الهوية الدينية للمصطلح دون المساس بمعناه القانوني؟
سنعالج الاشكالية المطروحة من خلال نقاط عدة، أولاها التطرق الى المصطلح القانوني من خلال تعريفه وذكر خصائصه وصعوبات ترجمته لننتقل بعدها الى الأساليب المنتهجة لترجمة المصطلح القانوني الاسلامي من خلال عرض أمثلة مستمدة من نصوص قانونية جزائرية وهذا بتطبيق دراسة تحليلية نقدية مقارنة، لنوصد باب هذا البحث بخاتمة تتضمن بعض الحلول التي قد تساعد المترجم على تذليل بعض من صعوبات هذا النوع من الترجمات المتخصصة.