مشروع الترجمة بين المثاقفة والعولمة

الصادق دهاش
جامعة علي لونيسي البليدة
(الجزائر)

تعالج مداخلتي هذه موضوعا حضاريا خطيرا في معناه ومبناه، بإعتبار أن الترجمة وسيلة تواصلية ، تثقيفية وحضارية، لعبت ولا زالت تلعب دورا رياديا في تقريب المسافات بين الشعوب والدول والحضارات، وبخاصة عصرنا اليوم وهو عصر العولمة الثقافية الذي يسعى إلى إخراج العلوم والمعارف من الكتب ونشرها إعبر العالم بواسطة وسائل الإتصال الحديثة والتواصل الإجتماعي المختلفة، ومع عصر الإنفجار العلمي والمعرفي عمت العلم والثقافة وبلغات مختلفة تأتي جاهزة، ولكن الثقافة الإستهلاكية الجاهزة والمعلبة، فكثيرا ما تسيئ للشعوب المتخلفة بسبب وجود ثقافتين إحداهما غازية والأخرى مغزوة بسسب كثرة إنتاج الثانية مع تكفلها بترجمة ما يحلوا لها من ثقافتها وبلغات متعددة.

أردنا من هذه الورقة معرفة مدى حقيقة صمود الترجمة في وجه رياح التغير التي إستوجبتها ظاهرة العولمة، لأن العولمة الثقافية هي أحادية النموذج الثقافي الواحد والوحيد وهو الثقافة الغربية بنسخة الأمركة (الأنجلزة)، بينما من بين الأهداف السامية للترجمة خارج العولمة تعني نشر ثقافة التسامح الديني والثقافي وحوار الحضارات ، بمهنى أنها تحافط على الخصوصيات الثقافية لدول العالم، فالثقافة بمفهوم ماقبل العولمة تقبل بتعد وتنوع  الأفكار والثقافات ، تفيد وتستفيد، و هل مازال هذا الهدف النبيل ساري المفعول أثناء العولمة وما بعد العولمة مستقبلا؟.

وهل تهدف العولمة الثقافية إلى تحييد وتحجيم دور الثقافة العربية، ظنا من الولايات المتحدة الأمريكية بأن سبب الإرهاب في العالم هو آت من ترجمة الثقافة العربية إلى الثقافة الغربية، وأن الثقافة العربية رغم ضعفها العلمي والتكنولوجي فإن قوتها العقدية في الرفع من معنويات المسلمين لا زالت قائمة ، بل هي في تطور مستمر، بعد هذا الإستطراد، هل توجد مؤشرات وملامح لهذا الطرح الجديد ، والتخوف من إستثناء الغرب من محاورة المسلمين ثقافيا وبالتالي يقبلون بترجمة إنتاجهم الثقافي إلى اللغة العربية وهم من يقومون بذلك، في حين يتجاهلون ترجمة الثقافة العربية الإسلامية إلى اللغة الإنجليزية أو حتى إلى اللغات العالمية الأخرى، وربما يطال هذا الفعل حتى ثقافة الدول الإسلامية الأكثر تفتحا على العالم كتركيا وماليزيا وإندونوسيا وباكستان وغيرها، لأن عدوها الأكبر هو الإسلام بالدرجة الأولى، هذه بعض الأسئلة الإستفزازية التي أردنا أن نستقرأ بها المشهد الثقافي وعلاقته بالترجمة والعولمة، وهل الترجمة الآن في ظل العولمة تلعب دور المثاقفة؟

الكلمات المفتاحية: الترجمة، المثاقفة، العولمة الثقافية، المشهد الثقافي،حوار الحثقافات والحضارات، الثقافة الجاهزة الإستهلاكية.