ترجمة المصطلح اللساني والتصور المقارني

د.بلعربي جمال
CRSTDLA
جامعة الجزائر 2

مقدمة:

نحاول في هذا البحث أن نطرح إشكالية المصطلح اللساني الحديث باللغة العربية وقيمة العمل الترجمي الذي يحاول أن يسنده، والنتائج الملموسة التي ينتجها والتي لم يتوقف الباحثون عن انتقادها وجرد نقائصها منذ النصف الأول من القرن الماضي، أي منذ المحاولات الأولى لترجمة المصطلحات اللسانية الحديثة ونقل مفاهيمها إلى القارئ العربي[1]. لقد بدأت هذه التجربة تحمل صفة الضرورة الملحة وفي الوقت نفسه صفة المجازفة بدون مخرج علمي آمن. تصاغ هذه الإشكالية في الغالب صياغات غير دقيقة تركز على مسألة توحيد الترجمات والأمانة في التعبير عن المفاهيم اللسانية الغربية أكثر مما تركز على جدوى تلك الترجمات وقدرتها على تطوير البحث اللساني العربي، بل أكثر مما تركز على ضبط المصطلح اللساني نفسه في اللغة العربية، على الرغم من أن الهدف الذي يفترض أن يحتل المقام الأول في هذا السياق يتمثل في تمكين الباحث العربي من ضبط أدوات البحث اللساني الحديث متمثلة في المصطلحات والمفاهيم، وتأهيل اللغة العربية لتستوعب تلك المصطلحات بفعالية. ونعتقد أن الحلقة المفقودة في هذه المساعي الجادة، تتمثل في غياب البحث المقارن بين المقترحات الاصطلاحية العربية القديمة، المهملة عادة بحجة قيمتها الزمنية المنتهية باعتبارها تراثا أنتج قبل المرحلة العلمية المعاصرة، والمتروكة لباحثين يصرون على اجترار الفكر اللساني القديم بكثير من السطحية، وبين المقترحات الغربية المهيمنة حاليا على مجال البحث اللساني. إنه مخرج عملي يستطيع أن ينتقل بالبحث اللساني إلى مرحلة من النضج والراهنية. ونناقش هذه الإشكالية من خلال النقاط التالية:

ـ مسلمات اللسانيين العرب إزاء المصطلح اللساني الحديث ـ الواقع البحثي المغاير للمعتقدات ـ موقف النظرية الخليلية الجدية ـ مخرج البحث اللساني المقارن.

[1] ـ يقدم الأستاذ محمد رشاد الحمزاوي عرضا تاريخيا عن مسيرة التأليف والترجمة في هذا المجال على يد الباحثين العرب منذ بداية القرن الماضي ويتتبع ضبط قائمة مهمة من المصطلحات اللسانية (انظر. محمد رشاد الحمزاوي، المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1987). كما يقدم الأستاذ عبد السلام المسدي عرضا قيما حول تجربة ترجمة المصطلح اللساني إلى اللغة العربية (انظر. عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، تونس 1984، ص 73- 86).