الصراع السوسيولغوي وأثره السلبي على تأخر الترجمة في الجزائر

رضوان كبيش
جامعة تولوز 2 – جون جوراس
(فرنسا)

تعد مسألة الترجمة من المسائل الشائكة و الشاقة و الشيقة، خاصة وأنه لا يمكن أبدا الفصل بين اللغة ووعائها السوسيوثقافي، إذ أن عملية الترجمة لاتتم إلا بالاستناد على اللغة و ما تحمله من ظواهر و مظاهر تعكس كل أنواع العلاقات الإنسانية من تعايش وتوافق  و تنافس و  صراع…

تعاين هذه  الدراسة علاقة الترجمة بالصراع اللغوي في بلد- الجزائر- لم يستطع بعد  أن يستقر على مصير واضح، بعد مسيرة طبعتها كل أنواع الإختلالات والتحولات  الثقافية  و الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية في زمن العولمة التي تؤدي إلى تقليص مساحة التواصل.إذ لا بد أن يتحول هذا الصراع اللغوي إلى  حافز للمترجمين -كل حسب اختصاصه-، و هيآت الترجمة و دور النشر ليوجهوا بوصلة الترجمة نحو آفاق التعايش و التواصل بين كل فصائل المجتمع ، تلك الآفاق التي تضمن التعدد اللغوي  والتنوع الثقافي والاحترام المتبادل بين الأنا والآخر .

و قد تأكد هذا الصراع الخطير في أيامنا  هذه. ذلك الصراع الذي يكبح سيرورة التقدم و مسايرة العصر ، و بخاصة في عصر العولمة الذي تقاربت فيه الشعوب بشكل لم يسبق له مثيل ، و اختصرت المسافات اختصارا مذهلا ، و أصبحت المعلومات تنتقل بين نفانف الأرض في وقت قاطع ، حيث  أصبحت الترجمة ضرورة حيوية لتتمكن الشعوب من مسايرة عصرها ، والتواصل و التفاعل معه، والحفاظ على مصالحها فيه ، و الاستفادة من كل جديد في عالم التحولات و التغيرات و المتغيرات التي تعتري حياة الإنسان مكرها كان أو غير مكره  .

و إذا كانت كثير من الدول و خاصة الأوروبية، كفرنسا مثلا ، قد أدركت هذه الحقيقة و أعدت لها العدة ، و وضعت كل إمكاناتها البشرية و المادية في حالة استعداد قصوى لمجابهة هذا التحدي ، فإن الجزائر لا تزال تعاني من التخلف في هذا المجال ، و ما زالت الترجمة فيها متعثرة و متأخرة ، تحتاج إلى مشروع كبير ، واضح المعالم ،  يعطي لها البعد الوطني و الحضاري الذي تستحقه ، و يرقى بها إلى مستوى طموحات الأمة.

يمكن و باختصار حصر الإشكالية التي يدور حولها هذا الموضوع في التساؤل التالي:

 هل يمكن اعتبار التنوع الثقافي و الصراع السوسيولغوي في الجزائر  السبب الرئيسي المباشر الذي أثر على تقدم عملية الترجمة؟ و ما حظ عملية التعريب في هذا التأخر؟ و عل يمكن تحويل هذا الصراع إن ثبث إلى تكامل لغوي؟

من هنا تقودنا هذه الدراسة إلى البحث المعمق عن العقبات و التحديات التي تواجهها الجزائر في هذا الميدان، و السبل التي يمكن أن تسلكها الجهات المختصة و المعنية للنهوض بالترجمة، خاصة و أن أدواتها تتضاعف مع  سرعة التطور التكنولوجي الهائل و التواصل الثقافي و المعرفي و العلمي بين مختلف الشعوب و الأمم.

الكلمات المفتاح: عملية الترجمة، الصراع اللغوي، التعريب، العولمة ، التطور التكنولوجي، التواصل الثقافي و المعرفي و العلمي.